أثار إعلان وزارة الصحة والسكان طرح عدد من الوحدات الصحية في محافظة قنا كفرص استثمارية لإنشاء مراكز طبية جديدة ومراكز للأم والطفل، حالة من الجدل والتساؤل حول مدى توافق الخطوة مع قانون منح التزام المرافق الصحية للقطاع الخاص، وما إذا كانت تشمل وحدات الرعاية الأولية التي يُحظر قانونًا إسنادها للقطاع الخاص.
كان وزير الصحة الدكتور خالد عبدالغفار، قد ناقش مع محافظ قنا الدكتور خالد عبدالحليم، تخصيص أراضٍ لإنشاء مستشفى الوقف المركزي ضمن الخطط المالية القادمة، إلى جانب طرح وحدات صحية كفرص استثمارية، مع الانتهاء من تطوير مستشفى نقادة القديم بتمويل من هيئة تنمية الصعيد.
التحرك الجديد أعاد إلى الواجهة الجدل حول مستقبل وحدات الرعاية الأولية، التي تُعد حجر الأساس لأي منظومة صحية متكاملة، إذ أعرب الدكتور إيهاب الطاهر، عضو مجلس نقابة الأطباء السابق، عن قلقه من الاتجاه نحو طرح ما بين 30 إلى 40% من وحدات الرعاية الأولية في قنا أمام المستثمرين، معتبرًا أن ذلك «يمس جوهر التزام الدولة الدستوري بتقديم خدمة صحية مجانية للمواطنين».
وأشار الطاهر إلى أن «وزارة الصحة كانت قد بدأت بالفعل في إسناد بعض المستشفيات الحكومية للقطاع الخاص، مثل مستشفى هرمل، مع إعلان نيتها طرح عدد آخر من المستشفيات الكبرى مثل العجوزة التخصصي والزيتون التخصصي والسلام التخصصي وهليوبوليس والشيخ زايد آل نهيان، وأبو تيج وبني مزار وقفط وقنا الجديدة».
وأوضح أن «التحذيرات من خطورة هذا الاتجاه ليست جديدة»، إذ يرى خبراء الصحة أن خصخصة المستشفيات الحكومية أو إسناد إدارتها إلى مستثمرين قد يؤثر سلبًا على الفئات غير القادرة، التي تعتمد على العلاج منخفض التكلفة، كما قد ينعكس على أوضاع الأطباء والعاملين في القطاع العام، سواء من خلال نقلهم قسرًا إلى منشآت أخرى أو إخضاعهم لإدارة استثمارية تسعى للربح.
وقال الطاهر إن الهدف الأساسي للمستثمر «هو تحقيق أرباح، وهو حق مشروع في أي نشاط اقتصادي، لكن لا يجوز أن يكون ذلك على حساب حق المواطن في العلاج»، مضيفًا أن «من يريد الاستثمار في الصحة عليه أن يبني منشأة طبية جديدة تضيف إلى القطاع، لا أن يستولي على منشأة عامة قائمة ويديرها لمصلحته الخاصة».
وأعاد الطاهر التذكير بأن قانون منح التزام المرافق الصحية للقطاع الخاص – رغم الاعتراض عليه عند صدوره – ينص بوضوح في مادته الأولى على استثناء وحدات الرعاية الأولية من نطاق تطبيقه، متساءلا: «فهل ستقوم وزارة الصحة بإسناد هذه الوحدات بالمخالفة الصريحة للقانون؟».